لماذا ينخفض الذهب رغم انهيار الأسهم، أليس ملاذا آمنا؟

شهدت أسعار الذهب انخفاضا على مدار الأيام الاربعة الماضية بلغ في أكثر من 8,27% من اعلى مستوياته عند 1703 دولار للأونصة، وسط انهيار تام لمؤشرات البورصات العالمية بسبب فيروس كورونا.

ولكن لماذا هذا الانخفاض، أليس من المفترض أن هناك علاقة عكسية بين أسعار الذهب وأصول ذات المخاطر مثل الأسهم.

أليس من المفروض أن ترتفع أسعار الذهب مع هروب المستثمرين من سوق الأسهم المنهار والتوجه نحو أصول الملاذ الآمن مثل سندات الخزينة الحكومية، الين الياباني، الفرنك السويسري والمعادن الثمينة وعلى رأسها الذهب.

غالبًا ما يُنظر إلى الذهب على أنه أداة تحوط منذ القديم، وفي عصر التداول الالكتروني يستعمل كأداة تحوط من الأصول ذات المخاطر مثل الأسهم، وهو شكل من أشكال التأمين للشراء عندما تنخفض الأسهم.

 أي أن المستثمرين سوف يشترون الذهب عندما تسوء الأوضاع في سوق الأسهم.

وبالتالي فإن أي انخفاض في سوق الاسهم سوف يشهد ارتفاعا في سعر الذهب، صحيح؟

لا، ليس بالضرورة!!

فالتاريخ والاحصائيات تقول غير ذلك.

تاريخ العلاقة بين الذهب و سوق الأسهم:

لنضرب مثال .

 في يناير/كانون الثاني عام 2018 كان مؤشر S&P 500 قد تضاعف ثلاث مرات ليبلغ أعلى مستوياته   التاريخية صعودا من أدنى مستوياته بعد الأزمة المالية لعام 2008.

انخفض المؤشر، وخسر ما يقرب من 5 ٪ من تلك الذروة بسبب المخاوف من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. انخفض سعر الذهب في هذه الأثناء بأكثر من 100 دولار للأونصة من ذروته الخاصة في يناير، بنسبة 4 ٪ تقريبًا.

sp500 vs gold

في عام 2008، وفي ذروة أزمة الرهون العقارية التي تحولت إلى أزمة مالية عالمية، عندما بدأت الأسهم في التراجع مع نهاية عام 2007 كان الذهب يرتفع إلا أن وصل إلى أعلى مستوياته فوق 1000 دولار للأونصة. وبدأ موجة هبوط حاد استمرت أكثر من 7 أشهر، وتراجعت قيمة الذهب بأكثر من 350 دولار بنسبة قاربت 34%.

في ذلك الوقت، كان المعدن النفيس قادرًا على التعافي فقط في نهاية الأزمة المالية، لينتعش بعد ذلك ويصل إلى أعلى مستوياته التاريخية عند 1900 دولار للأونصة.

مقارنةً بالأزمة المالية لعام 2008، يظل سعر الذهب صامدًا بشكل جيد في بيئة السوق الحالية، حتى لو كان لا يمكنه تعويض خسائر الأسعار في جانب الأسهم.

sp500 gold 2008

الذهب أداة تحوط على المدى الطويل:

احصائيا وعلى المدى الزمني القصير يمثل الذهب أداة تحوط ضعيفة لتراجع قيمة الأسهم.

في المقابل، وعند التفكير في تأمين الاستثمارات على المدى الزمني الطويل فإن الذهب يشكل ملاذا آمنا قويا وصلبا، حيث دائما ما ارتفع الذهب عندما انخفضت سوق الأسهم الأمريكية.

في تحليل منشور على موقع فوربس جاء فيه أنه خلال 50سنة الماضية، هبط مؤشر S&p500 دون مستواه خلال فترة 5 سنوات السابقة في أكثر من 20% من حالات الهبوط (مؤشر الأسعار، لا يشمل أرباح الأسهم أو التكاليف أو الضرائب).

في حين أن الذهب كان مرتفعا في 98% من تلك الحالات، وأرباح الذهب كانت 11 مرة أكبر من خسائر الأسهم، أي أن كمية قليلة من الذهب يمكن أن تعوض الخسائر في سوق الأسهم

ما معنى هذا؟

بلغة بسيطة، إذا كانت لديك 100 دولار وأردت استثمارها. فيمكنك استعمال 89 دولار لشراء أسهم شركات S&P 500  و 11 دولار الباقية اشتري بها الذهب و سوف تكون كافية لحماية محفظة من الانكماش على مدار 5 سنوات القادمة.

وهذه القاعدة صحيحة في الوضع الحالي، فمؤشر أس آند بي 500 حاليا قد محى كامل أرباحه منذ بداية عام 2019، أمام الذهب فمازال مرتفعا بأكثر من 23% مقارنة بنفس الفترة.

المال هو الملك cash is king:

هذا قول مأثور بين المستثمرين، فالقاعدة الاستثمارية تقول إنه في أوقات الأزمات لا يوجد أي أصل مالي بعيد عن الخطر ومن أفضل سحب الأموال نهائيا من السوق

 والسبب الرئيسي للترابط في أوقات الأزمات بين أسواق الأوراق المالية وسعر الذهب في المقام الأول هو استراتيجيات المستثمرين لإدارة المخاطرة في الأسواق المالية العالمية، عن طريق تنويع المحفظة الاستثمارية.

 العديد من المستثمرين اشتروا الذهب في الأشهر والسنوات القليلة الماضية للتحوط على الأصول أو التأمين على الممتلكات في إطار استراتيجية ادارة المخاطر.

الآن، هؤلاء المستثمرين يضطرون إلى بيع جزء من ممتلكاتهم من الذهب من أجل الحصول على سيولة جديدة حتى يتمكنوا الآن من تغطية خسائرهم في سوق الاسهم، أو ربما من أجل استغلال الفرصة مع تراجع أسهم شركات قوية من أجل الشراء.

أو ببساطة من أجل الاحتفاظ به ووضعه في الحساب البنكي، في انتظار أن تهدأ الأمور التي بتأكيد سوف تخلق فرصا استثمارية قوية مع تراجع أسهم الكثير من الشركات القوية.

لكن هذا الخيار قد يتلاشى في حال هبطت أسعار الفائدة إلى تحت الصفر هو كما حال الآن في أوروبا واليابان، وربما الولايات المتحدة لاحقا كما يتوقع بعض المحللين.

لهذا السبب، ليس من الغريب أن ينخفض سعر الذهب في أوقات البيع المكثف للأسهم. ومعنى هذا أنه يقوم بدوره كملاذ آمن.

في الأزمة المالية العالمية عام 2008 شاهدنا الذهب يرتفع بقوة وقبل الأسهم، بعد أن بدأت البنوك المركزية في تيسير السياسة النقدية وضخ السيولة في الأسواق، وليس من المستبعد أن نشهد نفس السيناريو مع الأزمة الحالية.

هل المقال مفيد؟ لماذا لا تشاركه مع غيرك  💡

مقالات مشابهة :

لماذا ينخفض الذهب رغم انهيار الأسهم، أليس ملاذا آمنا؟

شهدت أسعار الذهب انخفاضا على مدار الأيام الاربعة الماضية بلغ في أكثر من 8,27% من اعلى مستوياته عند 1703 دولار للأونصة، وسط انهيار تام لمؤشرات البورصات العالمية بسبب فيروس كورونا.

ولكن لماذا هذا الانخفاض، أليس من المفترض أن هناك علاقة عكسية بين أسعار الذهب وأصول ذات المخاطر مثل الأسهم.

أليس من المفروض أن ترتفع أسعار الذهب مع هروب المستثمرين من سوق الأسهم المنهار والتوجه نحو أصول الملاذ الآمن مثل سندات الخزينة الحكومية، الين الياباني، الفرنك السويسري والمعادن الثمينة وعلى رأسها الذهب.

غالبًا ما يُنظر إلى الذهب على أنه أداة تحوط منذ القديم، وفي عصر التداول الالكتروني يستعمل كأداة تحوط من الأصول ذات المخاطر مثل الأسهم، وهو شكل من أشكال التأمين للشراء عندما تنخفض الأسهم.

 أي أن المستثمرين سوف يشترون الذهب عندما تسوء الأوضاع في سوق الأسهم.

وبالتالي فإن أي انخفاض في سوق الاسهم سوف يشهد ارتفاعا في سعر الذهب، صحيح؟

لا، ليس بالضرورة!!

فالتاريخ والاحصائيات تقول غير ذلك.

تاريخ العلاقة بين الذهب و سوق الأسهم:

لنضرب مثال .

 في يناير/كانون الثاني عام 2018 كان مؤشر S&P 500 قد تضاعف ثلاث مرات ليبلغ أعلى مستوياته   التاريخية صعودا من أدنى مستوياته بعد الأزمة المالية لعام 2008.

انخفض المؤشر، وخسر ما يقرب من 5 ٪ من تلك الذروة بسبب المخاوف من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. انخفض سعر الذهب في هذه الأثناء بأكثر من 100 دولار للأونصة من ذروته الخاصة في يناير، بنسبة 4 ٪ تقريبًا.

sp500 vs gold

في عام 2008، وفي ذروة أزمة الرهون العقارية التي تحولت إلى أزمة مالية عالمية، عندما بدأت الأسهم في التراجع مع نهاية عام 2007 كان الذهب يرتفع إلا أن وصل إلى أعلى مستوياته فوق 1000 دولار للأونصة. وبدأ موجة هبوط حاد استمرت أكثر من 7 أشهر، وتراجعت قيمة الذهب بأكثر من 350 دولار بنسبة قاربت 34%.

في ذلك الوقت، كان المعدن النفيس قادرًا على التعافي فقط في نهاية الأزمة المالية، لينتعش بعد ذلك ويصل إلى أعلى مستوياته التاريخية عند 1900 دولار للأونصة.

مقارنةً بالأزمة المالية لعام 2008، يظل سعر الذهب صامدًا بشكل جيد في بيئة السوق الحالية، حتى لو كان لا يمكنه تعويض خسائر الأسعار في جانب الأسهم.

sp500 gold 2008

الذهب أداة تحوط على المدى الطويل:

احصائيا وعلى المدى الزمني القصير يمثل الذهب أداة تحوط ضعيفة لتراجع قيمة الأسهم.

في المقابل، وعند التفكير في تأمين الاستثمارات على المدى الزمني الطويل فإن الذهب يشكل ملاذا آمنا قويا وصلبا، حيث دائما ما ارتفع الذهب عندما انخفضت سوق الأسهم الأمريكية.

في تحليل منشور على موقع فوربس جاء فيه أنه خلال 50سنة الماضية، هبط مؤشر S&p500 دون مستواه خلال فترة 5 سنوات السابقة في أكثر من 20% من حالات الهبوط (مؤشر الأسعار، لا يشمل أرباح الأسهم أو التكاليف أو الضرائب).

في حين أن الذهب كان مرتفعا في 98% من تلك الحالات، وأرباح الذهب كانت 11 مرة أكبر من خسائر الأسهم، أي أن كمية قليلة من الذهب يمكن أن تعوض الخسائر في سوق الأسهم

ما معنى هذا؟

بلغة بسيطة، إذا كانت لديك 100 دولار وأردت استثمارها. فيمكنك استعمال 89 دولار لشراء أسهم شركات S&P 500  و 11 دولار الباقية اشتري بها الذهب و سوف تكون كافية لحماية محفظة من الانكماش على مدار 5 سنوات القادمة.

وهذه القاعدة صحيحة في الوضع الحالي، فمؤشر أس آند بي 500 حاليا قد محى كامل أرباحه منذ بداية عام 2019، أمام الذهب فمازال مرتفعا بأكثر من 23% مقارنة بنفس الفترة.

المال هو الملك cash is king:

هذا قول مأثور بين المستثمرين، فالقاعدة الاستثمارية تقول إنه في أوقات الأزمات لا يوجد أي أصل مالي بعيد عن الخطر ومن أفضل سحب الأموال نهائيا من السوق

 والسبب الرئيسي للترابط في أوقات الأزمات بين أسواق الأوراق المالية وسعر الذهب في المقام الأول هو استراتيجيات المستثمرين لإدارة المخاطرة في الأسواق المالية العالمية، عن طريق تنويع المحفظة الاستثمارية.

 العديد من المستثمرين اشتروا الذهب في الأشهر والسنوات القليلة الماضية للتحوط على الأصول أو التأمين على الممتلكات في إطار استراتيجية ادارة المخاطر.

الآن، هؤلاء المستثمرين يضطرون إلى بيع جزء من ممتلكاتهم من الذهب من أجل الحصول على سيولة جديدة حتى يتمكنوا الآن من تغطية خسائرهم في سوق الاسهم، أو ربما من أجل استغلال الفرصة مع تراجع أسهم شركات قوية من أجل الشراء.

أو ببساطة من أجل الاحتفاظ به ووضعه في الحساب البنكي، في انتظار أن تهدأ الأمور التي بتأكيد سوف تخلق فرصا استثمارية قوية مع تراجع أسهم الكثير من الشركات القوية.

لكن هذا الخيار قد يتلاشى في حال هبطت أسعار الفائدة إلى تحت الصفر هو كما حال الآن في أوروبا واليابان، وربما الولايات المتحدة لاحقا كما يتوقع بعض المحللين.

لهذا السبب، ليس من الغريب أن ينخفض سعر الذهب في أوقات البيع المكثف للأسهم. ومعنى هذا أنه يقوم بدوره كملاذ آمن.

في الأزمة المالية العالمية عام 2008 شاهدنا الذهب يرتفع بقوة وقبل الأسهم، بعد أن بدأت البنوك المركزية في تيسير السياسة النقدية وضخ السيولة في الأسواق، وليس من المستبعد أن نشهد نفس السيناريو مع الأزمة الحالية.

هل المقال مفيد؟ لماذا لا تشاركه مع غيرك  💡

مقالات مشابهة :